Wednesday, August 14, 2013

حوار مع صديقي المؤمن


الحوار التالي الذي عليكم قرائته ليس حقيقياً ولم يحدث، لكني احاول على طريقة مصطفى محمود و الكثير من الوعاظ الذين ينسجون قصص من وحي خيالهم تتلاطم فيها اقوى حججهم بأضعف حجج غيرهم لتبدو و كأنها جبال شامخة لا يمكن النيل منها.


في ليلة من الليالي الباردة جلست انا و صديقي المؤمن في احد المقاهي على رائحة القهوة. نتحدث في الامور المحرمة. تجاوزنا الخطوط الحمراء.. دار بيننا الآتي:

هو: هل تؤمن بوجود الله؟
انا: بصراحة لا. لا اؤمن بذلك
هو: لماذا لا تؤمن به. من انت لكي تشكك بوجود الله.
انا: انا ربما، لا احد. لكي انسان عادي احاول ان اعتمد على عقلي للاستنتاج

هو: نعم و لهذا انت لا تؤمن به. انت لست ذكياً لكي تؤمن بالله.
انا: هل تقصد بكلامك ان الايمان هي مقدرة ليست متوفرة لدى الكل؟
هو: انا لا اقول ذلك لكن لا يكفر بالله الا مجنون.
انا: حسناً، يبدو انك قمت فقط باعادة صياغة كلامك مع الاحتفاظ بنفس الفكرة، اذا كنت تقصد ان عدم بايماني بالله يرجع لمشكله في مستواي العقلي فإذن انا لست مكلّف بالايمان، فالتكليف حسب المقدرة. كما يقول القرآن (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا) 
هو: انك متناقض. كيف لا تؤمن بالله و ثم تستدل بكلامه الذي هو الحق؟
انا: لست متناقضاً يا عزيزي، عندما استدل بالقرآن بهدف توضيح التناقض في المبدأ الذي تدعوني اليه لا يعتبر تناقضاً. 
هو: عن اي تناقض تتحدث؟
انا: انك تزعم ان عدم ايماني بالله يرجع لمقدرتي العقلية، فكيف اذن الله يعاقبني على شيء هو السبب فيه؟ اليس هو من منحني العقل لكي افكر فيه. فلماذا لم يمنحني العقل الذي به استطيع ان آمن به؟

هو:حسناً، هل يعقل انك على صواب و اكثر من مليار مسلم و كذلك اكثر من مليار مسيحي على خطأ؟
انا: انا لا اقول انني املك الحقيقة المطلقة. ثم ان الحقيقة لا تغازل الاكثرية.
هو: ماذا تقصد؟
انا: ما اقصده هو ان كل فكرة عظيمة لها بدايات متواضعة. فالإسلام يوماً كان اتباعه ثلاثون رجلاً و إمرأة فقط مقارنة بالديانه المسيحية و اليهودية و الديانات الوثنية التي كانت منتشرة في الجزيرة العربية. فالأقلية او الاكثرية ليس عيباً و ليس لها علاقة للاستدلال على ما هو صواب.
هو: لكن الاسلام هو الحق. الجميع يعلم ذلك. الغرب بنفسه يعلم ذلك و انت كذلك. تعلم ان الاسلام هو الدين الحق لكنك تكابر و تخفي ايمانك و تظهر كفرك لأنك اشتريت الحياة الدنيا بثمن بخس.
انا: يا للهول! قمت ببعثره كثير من الادعاءات على الطاولة دون دليل. بالاضافة لكونك تتحدث عن ما هو في قلبي و كأنك تقرأ مافي الصدور.
لكني سأرد عليك بتساؤل واحد فقط. هل تعتقد بأني انا، او حتى الغرب، او اي شخص آخر سيقبل ان يعذّب في النار عذاب ابدي لو آمن بها؟ لا اعتقد ذلك. بل على العكس، سيكون من الجميل ان هناك حياة أخرى ابدية فسأفني حياتي لاجل الفوز بها لألتقي مرة اخرى مع من احب ممن فارقتهم في الحياة. لكن للأسف انا استبعد ذلك من اعماق قلبي.


هو: لكن القرآن كتاب الله.
انا: و كيف عرفت انه كلام الله.
هو: لان القرآن قال ذلك. بدليل قوله تعالى (تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
انا: لكن هذه مغالطة منطقية. كيف تستدل بحقيقة شيء عن طريق الشيء نفسه؟
هو: ماذا تقصد؟
انا: هذا يسمى في المنطق بالاستدلال الدائري. تخيل هناك مجرم يمثل امام القضاء و جميع الادلة ضده و قال انه بريء هل نستدل بقوله انه بريء و نطلق سراحه؟ انت في وضعك تقول ان القرآن كلام الله و عندما سألناك ما هو دليلك قلت لأن القرآن يقول ذلك. الا تلاحظ مشكلة في منهجك؟


هو: لكن القرآن كلام الله لأني عند سماعه اخشع و انا متأكد بآنه كلام الله.
انا: ان ما تسميه خشوعاً هو نتيجه ما ترعرعت عليه على انه كلام الله. انت تخشع لان عقلك الباطن يوهمك بان هذا الكلام هو كلام كائن خلق كل شيء. انت تخشع لان الشكل يفتنك على المضمون، انت تخشع لأن اصوات الكلمات تشغلك عن الكلمات. خشوعك هذا هو اعجاب بجمال ما تسمع، هذا الجمال يراه غيرك في سمفونيات موزارت و بيتهوفن. هذا الخشوع الذي تتحدث عنه يشعر به المسيحي عندما يسمع الانجيل و يشعر به اليهودي عندما يسمع التوراة، و كذلك يشعر به الهندوسي عندما يسمع كتاب فيدا المقدس. القرآن بنفسه يقول ان السابقين عندما كان يتلى عليهم القرآن كانوا يسخرون منه.

هو:  لكن القرآن تحدى البشر ان يأتوا بآيه مثله فلم يستطع احد لغاية الآن؟ هذا دليل قوي على ان القران كلام الله.
انا: ماذا تقصد بالأتيان مثله؟ 
هو: القرآن معجزة في البلاغة و الفصاحة. وهذه معجرة قائمة ليوم الدين يشهدها جميع البشر.
انا: القرآن ليس بتلك البلاغة التي تتحدث عنها فهناك كلمات غير عربية وردت فيه. ثم هل تعلم ان القرآن عند نزوله لم يكن هناك قواعد عربيه ولا قواعد صرف. كل قبيلة لها احكامها الخاصة بها. لكن بعد نزول القرآن تم توحيد قواعد الصرف الى لغة القرآن. فكيف تسبق المعجزة قياس المُعجز؟ هناك ما هو اجمع و اشد فصاحة مما قاله العرب. قال عن ذلك ابو بكر الرازي: "إنكم تدعون إن المعجزة قائمة موجودة – و هي القرآن – و تقولون  من أنكر ذلك فليأت بمثله.  إن أردتم بمثله في الوجوه التي يتفاضل بها الكلام فعلينا أن نأتيكم بألف مثله من كلام البلغاء و الفصحاء و الشعراء و ما هو أطلق منه ألفاظا ، و أشد اختصارا في المعاني ، و أبلغ أداء و عبارة و أشكل سجعا ، فإن لم ترضوا بذلك فإنا نطالبكم بالمثل الذي تطالبونا به"


و تابعت قائلاً: انا لا انكر ان القرآن فيه لمحات بلاغية جميلة. هذه اللمحات تجدها في اي شعر جاهلي او حتى في ابيات معاصرة، و لهذا اجد ان ذلك عديم المعنى و ليس دليل على انه كلام الله. 
ثم لو فرضنا ان معجزة القرآن تكمن في بلاغته و هي معجزة لجميع البشر ليوم الدين. فما ذنب من لا يتقن العربية لا يشهد هذه المعجزة؟ هل من عدالة الله ان يخصص العرب فقط ليشهدوا معجزته. هذه المعجزة ان تُرجِمت الى لغة اخرى ماتت و لم يشعر بها احد.


هو: لو فرضنا و العياذ بالله انه القرآن بشري و انه لا يوجد إله. فمن خلقك و من خلق الكون؟  انا مؤمن بوجود إله لان لحد الآن و لا احد استطاع تقديم دليل واحد فقط يثبت انه لا يوجد هناك إله.. و لهذا اتحداك ان تثبت لي انه لا يوجد هناك إله
انا: هذه مغالطة منطقية اخرى؟
هو: عن اي مغالطة منطقية تتحدث؟
انا: هذه المغالطة تسمى "عبء الاثبات" . اي ان عبء الاثبات ملقى على عاتق الطرف الخطأ. سأحكي لك هذا السيناريو لتفهم قصدي :
تخيل انه تم القبض عليك - بدون وجود ادله - بتهمة القتل المتعمد و انت بريء. قال لك القاضي: سنرسلك لحبل المشنقة اذا ما لم تقدم لنا ادلة تثبت براءتك. و انت لسوء حظك لم تملك دليل، فهل من العدل ان ينفذ الحكم عليك بسبب "انعدام الدليل على برائتك" ؟ ام ان القاضي كان من المفترض ان يملك ادله تدينك انت؟
 
و تابعت قائلاً: الفيلسوف البريطاني برتراند رسل قام بسرد مثال آخر جميل بهذا الخصوص . حيث قال: هناك ابريق يدور حول الشمس في السماء بين الارض و المريخ. اتحداك ان تنفي وجوده؟ 
طبعاً هذه مغالطة يتعمد تقديمها برتراند لكي يوضح الفكرة. فكان من المفروض هو من يقدم الدليل على وجود هذا الابريق لا ان يترك عبء النفي على الطرف الآخر. كذلك انت، انت من تدعي وجود الله فيجب عليك انت اثبات ذلك.


هو: انظر للسماء. انـظر للنجوم انظر للكواكب كيف تدور. اليس هذا دليلا على وجود الله.
انا: لا ليس دليلا على وجوده. حتى و ان فرضنا ان ذلك دليل على وجوده، عن اي إله تتحدث؟ هناك الآف الآلهات التي يعبدها البشر. انت لست مسلم بالعقل انت مسلم بالوراثة. لو ولدت لابوين هندوسين لصبحت مثلهم. 
هو: لكن القرآن تحدث عن اشياء كان يجهلها الناس و اثبتها العلم الحديث. قال تعالى (مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان) فكيف علم محمد ذلك قبل ١٤٠٠ سنه؟ لم يكن البشر يعلمون ذلك.
انا: و من قال لك ان البشر قبل ١٤٠٠، ٢٠٠٠، او حتى ٥ الآف سنه كانوا بهذه السذاجه؟ انت تشير الى ان البشر في زمن محمد لم يكونوا يعلموا ان مياه الانهار صالحه للشرب و ان مياه البحار غير صالحه و انهم يلتقون معاً دون ان يتختلطوا. و هذا خطأ
اليك هذه المعلومه التي ستصدمك: هل تعلم ان ارسطو الذي عاش قبل محمد بألف سنه تحدث عن عدم اختلاط الماء المالح بالماء الحلو؟ لم يتحدث عن الظاهرة فحسب و انما شرحها علمياً - عندما قال بان ذلك يعود لاختلاف الكثافة بينهم 


هو: ايضاً هناك كثير من  المعجزات العلمية في القرآن تدل على صدق محمد.
انا: صدقني يا صديقي العزيز، لا يوجد شيء اسمه اعجاز علمي في القرآن. هذه ظاهرة ظهرت في المائه سنه الأخيرة و لم تخطر حتى في بال محمد نفسه. انا اطلعت عليها كلها و اكتشفت انها خدعة قائمه على فبركة معاني القرآن لتتناسب مع العلم الحديث. لو كان هناك فعلاً اعجاز علمي فلماذا لم يشير القرآن ابداً لذلك؟ لا توجد اشارة لذلك ابداً. كل مافي القرآن هو تصورات بدائية للكون قد تصيب و قد تخيب. هذه التصورات لم تكون حكراً على الاسلام بل كانت موجودة في الحضارات التي سبقت الاسلام.
فمثلاً، هل تعلم ان فكرة خلق البشر من طين موجودة لدى الفراعنة قبل ٣ الآف سنه. فالاله المصري (خنوم) كان يخلق البشر من طين. و هل تعلم ان فكرة فصل السماء عن الارض المذكوره في القرآن ايضا موجوده لدى البابليين قبل ٥ الآف سنه. و الكثير من الامثلة. كان البشر يستعيرون من بعضهم الاساطير.



هو: العقل البشري عقله محدود مهما قام بالبحث فانه يقف عاجزاً عن فهم الكون. هناك كثير من الظواهر الطبيعية التي لا يستطيع العلم تفسيرها.
انا: العلم استطاع تفسير كثير من الظواهر الطبيعية مما كانت تحير السابقين كما ان العلم لا يعطي اجابات لكل شيء لكنه يعترف بذلك و يتوعد بالبحث عن اجوبة. و ما هو مجهول اليوم فهو معلوم غداً.. و كما قلت لك سابقاً - العلم ليس من مهامه اثبات او نفي وجود ما يسمى بالمصمم الذكي (الله). لكن العلم يستطيع ان يكتشف لنا الدين الحقيقي من المزيف و لحد الآن جميع الاديان بشرية. بلا استثناء.  فمثلاً، العلم استطاع تحديد الوقت الذي تشكّل فيه الكون بـ ١٣.٧ مليار سنه. بالادلة الملموسة. فكيف تريدني ان اكذب الادلة و ان اصدق ان الكون خلق في ٦ ايام بمجرد ان القرآن يقول ذلك؟ و هناك الكثير من الاخطاء العلمية في القرآن لا تليق بان ننسبها لمن نعتقد بأنه خلق الكون. لا يوجد هناك خالق يجهل كيف خلق مخلوقه.

و تابعت قائلاً: العلم لا يستطيع ان يثبت او ينفي وجود اله. هذا ليس من شائه. و خصوصاً بناءاً على ادعاء المؤمنين بان الله يعيش خارج الزمان و المكان - رغم ان النصوص الدينية تقول عكس ذلك - فالعلم يقوم على قوانين الطبيعة و ما لا يخضع لقوانين الطبيعة فانه خارج نطاق العلم.  لكن العلم يستطيع اثبات صحة او خطأ الاديان و هذا يقوم به. فالكون لم يتشكل في ٦ ايام و لا الشهب رجوماً للشياطين التي تسترق السمع و لا الرعد ملك من ملائكه الله و لا يوجد شيء في الاعلى اسمه سبع طبقات متراصات (السماء) و انما فضاء يحيطنا من جميع الاتجاهات. كل هذه التصورات هي تصورات بدائية تملئ فجوة الجهل لدى السابقين.

حتى لو فرضنا بالقول الذي يقول ان الله خارج الزمان و المكان فهذا يجعله خارج نطاق الادراك اليس كذلك؟ و لهذا من الحماقة ان نفرض هذا الشيء الغير مُدْرَك على الناس. 
فكيف لإله ان يفرض نفسه علينا و هو خارج نطاق الزمان و المكان و بعيد عن نطاق عقولنا.

هو: الله لا يفرض نفسه عليك. القرآن يقول (لا اكراه في الدين) و لهذا هو لا يلزمك بدينه. انت حر بنفسك
انا: و ايضاً يقول (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) . و كثير من الآيات التي تجبر الناس في الاسلام و تبيح قتالهم. أرأيت مشكلتي مع القرآن؟ فهو ليس جديراً بان اجعله مرجعي في الحياة لانه متضارب غير مفهوم و لهذا لا يزال المسلمين يتنازعون في فهمه. لم يتفقوا ولن يتفقوا.

لو كنت الله - هل ستنزل كتاب واحد مفهوم و تتوعد بحفظه من التحريف حتى لا يحتار البشر؟ ام ستنزل اكثر من كتاب - و كل مرة تقول السابق تم تحريفه -  و في النهاية كتبك كلها غير مفهومه المعاني ثم تأمر بالالتزام به؟ الامر غير منطقي ابداً.

كلمة اخيرة: لو  كان هناك إله، فلماذا لا تسمح له مقدرته المطلقة ان يخلقنا نعبده بالفطرة  كالشجر يثمر دون اسرال الانبياء لها؟




حل بعدها الصمت و كل طرف انصرف في سبيله ...  


Sunday, August 11, 2013

شوية كلام في الصدفة و المصادفة


اذا كنت تناقش مؤمن سواء كان مسلم او مسيحي فأنك دائماً تسمع نفس الحجة التي يتم ترديدها: هل يعقل ان هذا الكون المنظم يخلق صدفة؟  لا بد من وجود مصمم ذكي قام بذلك و هذا المصمم الذكي هو الله الذي نعبده نحن.
الافتراض اعلاه يبدو منطقياً للوهلة الاولى مع وجود تحفظ على الطريقة "العجيبة" التي ربط بها الفرضية: التي تقول ان لا بد من وجود خالق، و بين الاستنتاج: الذي يقول ان هذا الخالق هو نفسه الذي تعبده انت، دون الآف الالهات الاخرى الذي يعبدها البشر. لكن قبل ان تعلن انتصارك دعني اوضح لك مالمقصود بمصطلح
  او ما تم ترجمته الى صدفة By Chance .

نعلم بأن العالم الذي نعيشه الآن يتكون من مئات الملايين بل مليارات الكواكب الغير صالحة للعيش. في الحقيقة، نسبة عدم صلاحية العيش في هذا الكون تساوي ٩٩.٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٣٪  . ليس ذلك فحسب بل ان الـ ٠٠.٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٧٪  المتبقية هذه لم تكن موجودة الا بعد مرور ٧ مليار سنة من بداية الكون، اي بعد الانفجار العظيم. اي ان خلال السبعة مليار سنة الأولى من عمر عالمنا كانت نسبة صلاحية العيش في اي مكان في الكون هي صفر. كان عدم الاستقرار سائد و تصادم الاجرام السماوية في بعضها كانت هي الظاهرة الطاغية على ذلك، لدرجه ان حتى كوكب الارض الذي نعيش فيه تعرض لتصادم مع كوكب بحجم المريخ لكنه نجى منه فنتج عن ذلك التصادم انفصال قطعة منه، هذه القطعة هي القمر، نعم القمر هي في الاساس قطعة منفصلة من الارض، هناك مئات الالاف من الابحاث العلمية التي تدعم هذه النظرية.  و ايضا من ضمن مليارات الاجرام السماوية هذه لا يوجد سوى كوكب واحد فقط (حتى الآن) اصبحت الحياة فيه ممكنة، هذا الكوكب هو كوكبنا. لكن بالرغم من هذا،  الا ان ٩٩٪ من مساحته  (من محيطات و مرتفعات و مناطق متجمدة او جافة) غير صالحة للعيش. هل عرفتهم لماذا يُستخدم مصطلح صدفة؟ لان صلاحية العيش ضئيلة جدا و شبه معدومه.


عمر عالمنا تقريبا ١٣.٦ مليار سنة. خلال هذه المدة ظهرت مليارات الاجرام السماوية و اختفت اخرى كلها غير صالحة للعيش باستثناء كوكب الارض. فاطلاق مسمى "صدفة" لم تكن بالفكرة الساذجة بعد كل هذا اليس كذلك..؟؟  لكن القدماء لم يكونوا يعلموا ماذا يخبئ لهم هذا الكون .. ذلك وبالتالي ظهرت فكرة استحالة ان يكون هذا صدفة بل هناك من خلق الكون. و من هنا تفننت الحضارات القديمه في سرد نسخها الخاصة بالخلق. و نحن فعلاً لا نلومهم لأن هذه الفكرة  تثير الغرائز بداخلنا: غريزة الفضول. كان هناك فجوة يجب سدها .. و من هنا خلق البشر خالقهم..


لم اجد افضل من التوضيح الذي طرحه المفكّر دان باركر بهذا الخصوص. فدعونا ننظر لهذا السيناريو لتتضح فكرة المصادفة:
تخيل حُكِم عليك بالاعدام رمياً بالرصاص. تم اخبارك بانك ستقف معصوب العينين امام  ١٠٠ من امهر حاملي البندقيه لا يخطئوا الهدف ابداً. في يوم الاعدام تم جرك للساحه لتنفيذ العقوبه. حينها لا ترى شيئاً .. ثم قام احدهم بالعد التنازلي .. ٣ ..٢.. ١ .. اطلاق ..
خرج الرصاص من فوهات البنادق .. لكنك لا تزال واقفاً على قيد الحياة !!  شيء غريب فعلاً . ماذا حدث يا تُرى .. لا تزال مغمض العينين .. كيف لأمهر ١٠٠ حاملي البندقية ان يخطئوا الهدف في نفس الوقت .. يستحيل ان يكون ذلك صدفة .. من يدعى ذلك فهو احمق .. الصدفة هي ان يخطئ اثنان او ثلاثة لكن ليس جميعهم.. هناك شىء غريب .. معجزة إلهية.. نعم معجزة.
 
 :استنتاجك يبدو منطقياً لغايه الآن .. لكن المفاجأه ان بعد ان فتحت عينيك رأيت شيئاً غريبا  



رأيت بجانبك جثة ١٠٠ مجرمين آخرين ملقين على الارض و قد فارقوا الحياة و اتضح انك المجرم  رقم ١٠١.
فالصدفة هنا هي وصف لكونك اصبحت المجرم رقم ١٠١ و بالتي اصبحت الناجي الوحيد، و ليس الصدفة ان المائة رامي جميعهم اخطئوا الهدف الذي هو انت.

فـتخيل نفسك انت هذا العالم الذي نعيشه الآن. استطاع النجاه من بين الملايين و ربما المليارات من العوالم الاخرى و اصبح جزء ضئيل الحجم صالحاً للعيش فيه. فلو لم يستطع النجاة فلا اتينا نحن و لم نتواجد في الاساس لـ نتسائل عن سبب وجودنا 





انا شخصياً لا ارى مشكلة في اطلاق صدفة في ذلك. بل الصدفة هي ان تُولد لأبوين ينتمون للفرقة الناجية من بين ملايين الطوائف



النهاية

تقبلوا تحياتي\
عبد الصدفة