Sunday, August 11, 2013

شوية كلام في الصدفة و المصادفة


اذا كنت تناقش مؤمن سواء كان مسلم او مسيحي فأنك دائماً تسمع نفس الحجة التي يتم ترديدها: هل يعقل ان هذا الكون المنظم يخلق صدفة؟  لا بد من وجود مصمم ذكي قام بذلك و هذا المصمم الذكي هو الله الذي نعبده نحن.
الافتراض اعلاه يبدو منطقياً للوهلة الاولى مع وجود تحفظ على الطريقة "العجيبة" التي ربط بها الفرضية: التي تقول ان لا بد من وجود خالق، و بين الاستنتاج: الذي يقول ان هذا الخالق هو نفسه الذي تعبده انت، دون الآف الالهات الاخرى الذي يعبدها البشر. لكن قبل ان تعلن انتصارك دعني اوضح لك مالمقصود بمصطلح
  او ما تم ترجمته الى صدفة By Chance .

نعلم بأن العالم الذي نعيشه الآن يتكون من مئات الملايين بل مليارات الكواكب الغير صالحة للعيش. في الحقيقة، نسبة عدم صلاحية العيش في هذا الكون تساوي ٩٩.٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٩٣٪  . ليس ذلك فحسب بل ان الـ ٠٠.٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٧٪  المتبقية هذه لم تكن موجودة الا بعد مرور ٧ مليار سنة من بداية الكون، اي بعد الانفجار العظيم. اي ان خلال السبعة مليار سنة الأولى من عمر عالمنا كانت نسبة صلاحية العيش في اي مكان في الكون هي صفر. كان عدم الاستقرار سائد و تصادم الاجرام السماوية في بعضها كانت هي الظاهرة الطاغية على ذلك، لدرجه ان حتى كوكب الارض الذي نعيش فيه تعرض لتصادم مع كوكب بحجم المريخ لكنه نجى منه فنتج عن ذلك التصادم انفصال قطعة منه، هذه القطعة هي القمر، نعم القمر هي في الاساس قطعة منفصلة من الارض، هناك مئات الالاف من الابحاث العلمية التي تدعم هذه النظرية.  و ايضا من ضمن مليارات الاجرام السماوية هذه لا يوجد سوى كوكب واحد فقط (حتى الآن) اصبحت الحياة فيه ممكنة، هذا الكوكب هو كوكبنا. لكن بالرغم من هذا،  الا ان ٩٩٪ من مساحته  (من محيطات و مرتفعات و مناطق متجمدة او جافة) غير صالحة للعيش. هل عرفتهم لماذا يُستخدم مصطلح صدفة؟ لان صلاحية العيش ضئيلة جدا و شبه معدومه.


عمر عالمنا تقريبا ١٣.٦ مليار سنة. خلال هذه المدة ظهرت مليارات الاجرام السماوية و اختفت اخرى كلها غير صالحة للعيش باستثناء كوكب الارض. فاطلاق مسمى "صدفة" لم تكن بالفكرة الساذجة بعد كل هذا اليس كذلك..؟؟  لكن القدماء لم يكونوا يعلموا ماذا يخبئ لهم هذا الكون .. ذلك وبالتالي ظهرت فكرة استحالة ان يكون هذا صدفة بل هناك من خلق الكون. و من هنا تفننت الحضارات القديمه في سرد نسخها الخاصة بالخلق. و نحن فعلاً لا نلومهم لأن هذه الفكرة  تثير الغرائز بداخلنا: غريزة الفضول. كان هناك فجوة يجب سدها .. و من هنا خلق البشر خالقهم..


لم اجد افضل من التوضيح الذي طرحه المفكّر دان باركر بهذا الخصوص. فدعونا ننظر لهذا السيناريو لتتضح فكرة المصادفة:
تخيل حُكِم عليك بالاعدام رمياً بالرصاص. تم اخبارك بانك ستقف معصوب العينين امام  ١٠٠ من امهر حاملي البندقيه لا يخطئوا الهدف ابداً. في يوم الاعدام تم جرك للساحه لتنفيذ العقوبه. حينها لا ترى شيئاً .. ثم قام احدهم بالعد التنازلي .. ٣ ..٢.. ١ .. اطلاق ..
خرج الرصاص من فوهات البنادق .. لكنك لا تزال واقفاً على قيد الحياة !!  شيء غريب فعلاً . ماذا حدث يا تُرى .. لا تزال مغمض العينين .. كيف لأمهر ١٠٠ حاملي البندقية ان يخطئوا الهدف في نفس الوقت .. يستحيل ان يكون ذلك صدفة .. من يدعى ذلك فهو احمق .. الصدفة هي ان يخطئ اثنان او ثلاثة لكن ليس جميعهم.. هناك شىء غريب .. معجزة إلهية.. نعم معجزة.
 
 :استنتاجك يبدو منطقياً لغايه الآن .. لكن المفاجأه ان بعد ان فتحت عينيك رأيت شيئاً غريبا  



رأيت بجانبك جثة ١٠٠ مجرمين آخرين ملقين على الارض و قد فارقوا الحياة و اتضح انك المجرم  رقم ١٠١.
فالصدفة هنا هي وصف لكونك اصبحت المجرم رقم ١٠١ و بالتي اصبحت الناجي الوحيد، و ليس الصدفة ان المائة رامي جميعهم اخطئوا الهدف الذي هو انت.

فـتخيل نفسك انت هذا العالم الذي نعيشه الآن. استطاع النجاه من بين الملايين و ربما المليارات من العوالم الاخرى و اصبح جزء ضئيل الحجم صالحاً للعيش فيه. فلو لم يستطع النجاة فلا اتينا نحن و لم نتواجد في الاساس لـ نتسائل عن سبب وجودنا 





انا شخصياً لا ارى مشكلة في اطلاق صدفة في ذلك. بل الصدفة هي ان تُولد لأبوين ينتمون للفرقة الناجية من بين ملايين الطوائف



النهاية

تقبلوا تحياتي\
عبد الصدفة

No comments:

Post a Comment